ما بين الأحفاد والأجداد حلقة هامة هي حلقة الآباء الذين ربما يجدون غضاضة في تدخل جيل الأجداد في تربية الأحفاد، باعتبار أن التربية مسؤوليتهم وحدهم. فكيف يمكن تقريب وجهات النظر بين الطرفين والاستفادة من خبرات الجيل القديم في نقلها إلى الأحفاد؟ خاصة وأن الأجداد كانوا أباء وأمهات الأمس ومروا بنفس تجارب التربية والتقويم مع أطفالهم في السابق الآباء الآن. وتعليقاً على هذه التساؤلات تشير إيمان جمعة، (33 عاماً)، إلى أنها تعاني أحياناً من تدخل والدا زوجها في تربية أبنائها، لكنها في الوقت نفسه تتفهم أن هذا التدخل بدافع الحب الذي يكنه الجدين للأحفاد، مضيفة أن التدخل محدود من قبل الجدين الذي يسكنان في مدينة أخرى، ويقتصر الأمر على الزيارات العائلية في المناسبات. وتقول ايمان، (أم لطفلين 4 و6 سنوات)، إن الأجداد دائما يرون في تربية الآباء نوعاً من الحزم والشدة المبالغ فيهما، ومن ثم فهم دائماً مصدر التدليل والعطف على الأبناء. وتؤكد مروة عبد الحكيم، (41 عاماً،) أن تدخل الأجداد في تربية البناء قد يحدث نوعا من الازدواجية التي تنعكس على سلوك الأطفال، ففي الوقت الذي تنصب فيه تربية الأباء على التعليم والحزم وربما القسوة في بعض الأحيان بهدف التقويم، ينتقد الأجداد ذلك بصورة كبيرة وكثيراً يتدخلون لصالح الأحفاد. وترى مروة، أم لأربعة من الأبناء 3 و 12 عاماً، أن هناك عادات وتقاليد طيبة يتعلمها الأحفاد من الأجداد، لذا فلا غنى عن حكمتهم بالطبع ولكن في حدود ما لا يضر. من جانبها، ترفض سندس حيدر، (37 عاماً)، فكرة تدخل الأجداد في تربية الأبناء، موضحة أن الوالدين هما الأكثر معرفة بسلوك أبنائهم ومميزاتهم وعيوبهم، في حين أن الأجداد يرون الأحفاد فقط في أوقات معينة، ومن ثم فهم ليسوا ملمين بسلوكياتهم. وتعتبر سندس، (أم لأربعة أطفال ما بين 4 و14 عاماً)، أن تدخل والديها من ناحية ووالدة زوجها من ناحية أخرى في تربية أبنائهما يشعرها بإنزعاج شديد خاصة وأنهم في مرحلة التربية والتعلم، فالحياة من وجهة نظرها ليست تدليلا فقط، فأحياناً الشدة تكون حلاً لمواقف كثيرة وبخاصة مع دخول الأبناء مرحلة المراهقة التي تحتاج لقدر من الحزم. ويرى محمد ماهر، (47 عاما،) أن تدخل الأجداد في تربية الأبناء - طالما بقي في حدود منح الخبرة للأهل - هو أمر عادي ولا يبعث أبداً على القلق. ويؤكد ماهر، (أب لخمسة من الأطفال ما بين 6 و17 عاماً)، أن أبنائه مرتبطين كثيراً بجدتهم لأمهم حيث تقيم معهم بنفس المنزل، حيث يمثل الأجداد دائماً العادات والتقاليد والطيبة المتناهية. لكنه يشير إلى أن كل جيل له رسالة فجيل الأجداد أدى رسالته بتربية الأبناء والآن الأبناء يقومون برسالتهم وغرس ما تعلموه في تربية أبناءهم، خاصة وأنه لكل زمن متطلباته وظروفه مشكلاته التي قد لا يدركها الأجداد بحكم تقدم العمر. وتشيرد. عزة مطر، أستاذ أصول التربية بجامعة الأزهر، إلى أن هناك الكثير من الآباء والأمهات يرفضون منح مسؤولياتهم للأجداد ويعتبرون التدخل منهم في تربية الأبناء انقضاض على حقهم في تربية البناء بحرية. وتوضح د. مطر، أنه مما لا شك فيه أن الأحفاد هم امتداد طبيعي للأجداد ومن حق الجد أو الجدة نقل حكمة وخبرة السنين إلى هؤلاء الأحفاد، خاصة وأن هناك بعض الآباء والأمهات يفتقدن إلى بعض الخبرة، إلى جانب أن الأجداد يتحلين بالكثير من الصفات المفقودة الآن مثل الصبر وطول البال والقدرة على التحمل، ولكن دون أن يتعارض ذلك مع أسلوب التربية المتبع من قبل الآباء. وترى د. عزة مطر، أن الكثير من الأجداد يجدوا متعة كبيرة في تربية أحفادهم أعمالاً للمثل الشعبي القائل " ما أعز من الولد إلا ولد الولد". أي أنه أعز من الأبناء أنفسه، خاصة وأن التوجيه من قبل الأجداد غير ممزوج بمسؤولية، فالأمر بالنسبة لهم هو نوع من المتعة وفرصة لنقل خبراتهم لهؤلاء الأحفاد، مشيرة إلى أن تربية الأبناء في النهاية هي مزيج من الشدة والحزم والعطف والتدليل وبدون هذا المزيج يظهر خلل في أسلوب التربية.